المشي على رؤوس الأصابع لدى الأطفال

ما هو "المشي على رؤوس الأصابع"؟

رؤوس الأصابع هي أطراف أصابع القدمين. يفضل بعض الأطفال المشي عندما يخطون على أصابع أقدامهم بدلاً من أن يمشوا على القدم بأكملها، أي المشي عندما لا يلمس الكعب الأرض. يدعى المشي على رؤوس الأصابع باللغة المهنية “Toe walking”. 

هل المشي على رؤوس الأصابع "طبيعي"؟

يبدأ الأطفال الصغار في المشي في حوالي سن السنة إلى سنة ونصف. يفضل البعض المشي على أصابع قدميه خلال الأسابيع أو الأشهر الأولى. لاحقا، عندما يكون المشي أكثر استقرارًا وأمانًا، سيتوقف معظم الأطفال الدوس على رؤوس أصابع قدمهم وسيمشون بينما يدوسون على كفتي أقدامهم بالكامل.

معدل انتشار المشي على أصابع القدم عند الأطفال بعمر 5 سنوات مع تطور طبيعي هو 2٪ (أي أن اثنين من كل مائة طفل سليم سيمشون على أصابع قدمهم في سن الخامسة)، ولكن حتى 40٪ من الأطفال ذوي صعوبات تطورية.

معظم الأطفال الذين يستمرون في المشي على أصابع قدمهم بعد سن الثانية يتمتعون بصحة جيدة، وفي الواقع، يعتبر المشي على أصابع قدمهم نوعًا من العادة السلوكية. يسمي المهنيون هذه الحالة Habitual toe walking (المشي على رؤوس الأصابع بسبب الاعتياد) أو Idiopathic toe walking (المشي على رؤوس الأصابع دون وجود سبب طبي) أو Dynamic toe walking (المشي على رؤوس الأصابع الديناميكي/المرن). 

ما هي أسباب المشي على رؤوس الأصابع عند الأطفال؟

كما قلنا من قبل، فإن المشي الأولي للعديد من الأطفال الصغار يكون على أصابع القدم وبعد ذلك يكون عابرًا. حتى في الأطفال الأكبر سنًا، في سن 3-5 سنوات، يعتبر المشي على أصابع القدم في معظم الحالات سلوكًا معتادًا ولا يشير إلى وجود مرض. من الممكن أن يكون المشي على رؤوس الأصابع عند الأطفال الأصحاء ناتجًا عن اضطراب في المعالجة الحسية للإحساس بالتوازن (Vestibular sensory processing) أو حاسة اللمس (Tectile sensory processing)، ولكن هناك دراسات قليلة جدًا حول هذا الموضوع ولا يوجد دليل قاطع على ذلك.

في عدد قليل من الأطفال، قد يكون المشي على أصابع القدم مرتبطًا بحالات طبية وتطورية غير طبيعية، وفي مثل هذه الحالات يكون هنالك داعي للاستيضاح أو العلاج.

المشاكل الطبية التي يمكن أن تسبب المشي على أصابع القدم في قدم واحدة فقط: عدم تساوي طول الساقين، شلل دماغي من نوع Hemiplegic cerebral palsy.

المشاكل الطبية التي يمكن أن تسبب المشي على أصابع القدم: الشلل الدماغي من نوع Diplegic أو Quadriplegic، التوحد، خلل التوتر العضلي، مشاكل في العامود الفقري (مثل الاضطرابات الهيكلية، الوراثية أو الالتهابية في العامود الفقري)، الأمراض التي تشمل الأعصاب أو العضلات، الاضطرابات الأيضية (على سبيل المثال، نقص أو زيادة المواد المختلفة، على سبيل المثال نقص فيتامين B12).

لماذا يوجد مشي على أصابع القدم لدى طفل مصاب بالشلل الدماغي؟

في الشلل الدماغي التشنجي (Spastic CP)، يحدث تقلص صلب في وتر الكاحل (Equinus contracture) لأن العضلات المتشنجة في الكعب والساق تنمو ببطء أكثر من العضلات غير التشنجية. عندما يحاول الطفل الحفاظ على وضعية ثابتة أثناء ثني الورك والركبة (Flexion) والكاحل بزاوية قائمة بالنسبة للساق (plantigrade)، فإنه يضطر إلى تحمل الوزن على مقدمة القدم وأصابع القدم حتى لا يسقط إلى الأمام.

في الشلل الدماغي عير التشنجي (ويسمى أيضًا خارج السبيل الهرمي)، قد “تدخل” القدمين في وضعية متوتر أثناء تحفيز القدم، مثل الوقوف والمشي. في كثير من الأحيان يختلط الشلل الدماغي ويجمع بين التشنجي وغير التشنجي في نفس الوقت.

لماذا يوجد مشي على أصابع القدم في طفل مصاب بالتوحد؟

يمكن ملاحظة المشي على أصابع القدم في 30٪ من الأطفال المصابين بالتوحد. السبب في ذلك غير معروف، ربما على خلفية التنظيم الحسي اللمسي (اللمس) والتحسس العميق (شعور الجسم في الفضاء). يعتبر المشي على أصابع القدم أكثر شيوعًا عند الأطفال الذين لم يكتسبوا القدرة على الكلام على الإطلاق (Non-verbal) منه لدى أولئك الذين يتحدثون (Verbal). لكن لا يوجد فرق في شدة التوحد بين أولئك الذين يمشون على أصابع قدمهم والذين لا يمشون بهذه الطريقة. 

متى يجب القلق؟

يُنصح باستشارة طبيب أعصاب للأطفال عندما يستمر الطفل في المشي عندما يدوس فقط (أو بشكل أساسي) على أصابع قدميه بعد سن الثانية، ويوصي بعض المختصين بالاستشارة بعد سن الرابعة.

حالات المشي على أصابع القدم التي يوصى فيها باستشارة طبيب أعصاب في مرحلة مبكرة (في أي عمر):

1. إذا كان الطفل يمشي بانتظام على أصابع قدم واحدة فقط، بينما تدوس القدم الأخرى على القدم بأكملها.
2. إذا كانت هناك مضاعفات كبيرة في الحمل أو الولادة (مثل الولادة المبكرة (خديج)، انخفاض درجة أبغار، الحاجة إلى الإنعاش بعد الولادة وما إلى ذلك).
3. إذا كان هناك ضعف في الساقين، أو في يد ورجل على جانب واحد من الجسم.
4. إذا كان هناك تأخير في التطور في مجال الحركة (القوة والحركة والتوازن)، اللغوي (الفهم والكلام) أو مجال التواصل (التواصل الاجتماعي والتعامل مع الآخرين).
5. إذا كان الطفل يعاني من آلام في الرجلين، الظهر أو الرأس لفترة طويلة.
6. إذا كان الطفل يعاني من اضطراب في الإحساس في الساقين، مثل: الخدر (عندما “تتنمل” الرجل كثيرًا ولفترة طويلة) أو قلة الشعور.
7. إذا لم يتحسن المشي على اصابع القدم أو يزداد سوءًا. 
8. إذا كان هناك أفراد من العائلة يعانون من مشاكل في المشي، إعاقة، أمراض عضلية، مرض عصبي، أو التوحد.

ماذا يحدث عند طبيب أعصاب الأطفال؟

عند التوجه إلى طبيب أعصاب الأطفال مع طفل يمشي على أصابع قدميه، سوف يسأل أسئلة مفصلة حول مسار الحمل والولادة، حول صحة الطفل، حول تطوره في المجالات المختلفة (اللغة، التواصل والمهارات الحركية)، حول الخلفية الأسرية للطفل والوالدين، وبالطبع عن المشي نفسه وما إذا كانت هناك أية شكاوى أخرى.

بالإضافة إلى ذلك، سيقوم طبيب الأعصاب بفحص الطفل من خلال فحص جسدي وعصبي دقيق، والذي سيشمل وظائف الدماغ والعمود الفقري والأعصاب والعضلات، وكذلك الجزء الخلفي من مؤخرة العنق إلى عظم الذنب (لأن بعض النتائج على الجلد في خط الوسط من الظهر قد تشير إلى وجود مشكلة في العمود الفقري).

بعد الاستجواب والفحص، سيحدد طبيب الأعصاب ما إذا كانت الحالة تتطلب الاستيضاح. في بعض الأحيان، يحيل طبيب الأعصاب إلى تقييم طبيب عظام للأطفال أو العلاج الطبيعي. في معظم الحالات، لن يكون من الضروري إجراء مزيد من الاستيضاحات أو العلاج. إذا كان لا يزال هناك شك في وجود مشكلة، فسيكون من الضروري في بعض الأحيان إجراء تصوير بالرنين المغناطيسي – MRI للدماغ أو العمود الفقري، ولكن من النادر جدًا أن تكون هناك حاجة إلى فحوصات أخرى (فحوصات الدم والبول، مخطط كهربية العضل (EMG) أو الاستشارة الوراثية). 

ما هو علاج الطفل الذي يعاني من المشي على أطراف أصابع القدم؟

إذا تم العثور على سبب محدد، فسيكون العلاج موجهًا لهذا السبب. على سبيل المثال، سيتم علاج طول الساق غير المتكافئ من قبل أخصائي العظام، وسيتم علاج نقص الفيتامينات وفقًا لذلك، وسيتطلب الشلل الدماغي والعديد من الأمراض الأخرى إعادة تأهيل متعددة التخصصات.

ولكن كما قلنا، فإن معظم الأطفال الذين يمشون على أصابع القدم لا يعانون من مرض أو مشكلة. هل يحتاج هؤلاء الأطفال إلى العلاج؟ حسنًا، لقد أظهرت الدراسات أن حوالي 80٪ منهم سيتحسنون وسيصبح مشيهم طبيعيًا حتى بدون أي علاج أو تدخل. على الرغم من ذلك، من الشائع أن يقوم الطبيب بإحالة الطفل السليم الذي يمشي على أصابع القدم إلى أخصائي العلاج الطبيعي للأطفال، بهدف أن يساعد العلاج في تعزيز المشي الطبيعي وكذلك منع تقصير أوتار العرقوب في الكاحلين وتفاقم المشي على أصابع القدم.

العلاجات الأخرى التي لم تثبت فعاليتها بشكل مطلق:

1. Verbal cueing: لن يساعد إخبار الطفل “توقف عن المشي على أطراف أصابع قدميك” أو تذكيره “عليك الدوس على قدمك بالكامل”. 
2. النعل داخل الحذاء – لا توجد معلومات كافية. دعامة صلبة داخل الحذاء – تجبر الساق على البقاء في وضع 90 درجة أثناء ارتدائه. لكن الدعامة والنعل يتوقفان عن المساعدة عند خلعهما، ويعود الطفل للدوس على أصابع قدميه.
3. صب القدم والكاحل بجبيرة (Serial casting): ساعد في دراسة واحدة، وأجريت دراسات أخرى بدون مجموعة ضابطة، أي لا يوجد دليل علمي واضح.
4. حقن توكسين البوتولينوم Botulinum في الكاحل: قد يضعف العضلة بل ويسبب تيبسًا، لذلك لا يُعطى للأطفال الذين يعانون من المشي على أصابع القدم، ولكن فقط في حالات معينة من الشلل الدماغي. 
5. جراحة لإطالة وتر عضلة الساق في الربلة: يتم إجراؤها فقط إذا كان الوتر مقصرًا بالفعل.

في الخلاصة،
يعد المشي على أصابع القدم (على رؤوس الأصابع) أمرًا شائعًا عند الأطفال الصغار حتى سن الثانية من العمر في بداية المشي وعادة ما يختفي من تلقاء نفسه في وقت قصير. يعد المشي على أصابع القدم لدى معظم الأطفال حتى سن 5 سنوات أمرًا معتادًا (يُطلق عليه أيضًا المشي على أصابع القدم الاعتيادي، الغبي أو المشي الديناميكي) وعادة ما يختفي دون علاج أو تدخل، ولكن من الشائع إحالة هؤلاء الأطفال للتقييم والعلاج في العلاج الطبيعي. لدى أقلية من الأطفال، يحدث المشي على أصابع القدم بسبب مرض أو اضطراب في الدماغ، العمود الفقري، الأعصاب، العضلات أو العظام. من المهم إحالة كل طفل يعاني من المشي على أصابع قدميه لاستشارة طبيب أعصاب للأطفال لفهم حالته، وإذا لزم الأمر أيضًا إحالته لإجراء الفحوصات والعلاج حسب الحاجة.