اضطرابات أولية في الكتابة عند الأطفال

فهم اضطرابات الكتابة الأولية عند الأطفال: الأسباب والأنواع والعلاقة بالمشاكل النمائية والعصبية.

مهمة الكتابة مهمة معقدة تتضمن مناطق كبيرة من نصف الدماغ الأيسر. بطبيعة الحال، عندما يكون هناك اضطراب عصبي يركز على المناطق الحركية للجهاز العصبي أو إعاقة واسعة النطاق، فإن الضعف سيظهر أيضًا على أنه اضطراب في الكتابة.


مقدمة

الكتابة هي واحدة من أكثر المهارات الحركية التي عرفتها البشرية تعقيدًا. الكتابة هي ثاني أهم طريقة للتعبير بعد التحدث في مجتمع متعلم: ما يصل إلى 34٪ من الوقت في المدرسة الابتدائية مخصص للمهام الحركية الدقيقة، منها 58٪ مهام كتابية. مهمة الكتابة مهمة معقدة تتضمن مناطق كبيرة من نصف الدماغ الأيسر. بطبيعة الحال، عندما يكون هناك اضطراب عصبي يركز على المناطق الحركية للجهاز العصبي أو إعاقة واسعة النطاق، فإن الضعف سيظهر أيضًا على أنه اضطراب في الكتابة.


الكتابة مهمة تتطلب قدرات أساسية مثل: التنظيم المكاني ومهارات حركية بالإضافة إلى قدرات عالية مثل: قدرات أدائية إدارية ومهارات لغوية لتخطيط وتنظيم المادة المكتوبة. عند الكتابة، ينشّط الطفل جميع الأنظمة بشكل متكامل من أجل إنتاج منتج مكتوب وواضح ومقروء بوتيرة معقولة. المستوى الأساسي للكتابة، إنتاج الحروف والتهجئة، يعبّر عن خصائص المهارة الحركية، ولكنه يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالنظام اللغوي. كتابة نص بليغ هو تعبير عن أفكار منظمة يتوسط فيها النظام اللغوي، ويعتمد بشكل مباشر على المستويات الأساسية للكتابة. من هذا تم الاستنتاج أن تقييم القدرة على الكتابة يمكن أن يتم على مستويين: القدرات الأساسية والقدرات المتقدمة. ترتبط القدرات الأساسية بالجانب الحركي لتصميم الحروف، وتيرة الكتابة وتنظيم النص المكتوب عبر مساحة الصفحة. القدرات العليا للكتابة، والتي لا تعبر بالضرورة عن الجانب الحركي للكتابة، تعكس فهم الفكرة الكامنة وراء النص، والقدرة على إنشاء هيكل يوضح الفكرة المعبر عنها في النص، تقييم القواعد وجودة الإملاء. وفقا لـ (American Psychiatric Association’s Diagnostic and DSM فإن الاضطراب الكتابيDisorders Mental of Manual Statistical، الطبعة الرابعة، يُعرَّف على أنه مزيج من الصعوبات في كتابة النص، خط يد غير واضح، التشوهات في شكل الحروف، كتابة غير طلقة، أخطاء املائية، صعوبات في كتابة الأفكار والتي لا يمكن عزوها لصعوبات في القراءة أو التعبير عن اللغة. لا يتم تفسير صعوبة الكتابة من خلال المستوى العام للطفل، أو نقص التعليم. عسر الكتابة، من ناحية أخرى، هو مصطلح أضيق يتكون من مجموعة من الأخطاء الإملائية مع خط يد غير واضح.


يمكن تقسيم اضطرابات خط اليد إلى اضطرابات أولية، تطورية، واضطرابات ثانوية مكتسبة. معظم اضطرابات الكتابة عند الأطفال أولية، أي أنها ناتجة عن عيوب في تطور الكتاب ، مشكلات في التنسيق، وصعوبات حركية. كما تم ربط إصابة الدماغ المبكرة مثل الخداج أو الشلل الدماغي بمشاكل في تطور الكتابة. على الرغم من أن إصابة الدماغ في هذه الحالات مكتسبة، لأنها تحدث في مرحلة الرضاعة، وأحيانًا قبل الولادة، فإنها تُصوَّر على أنها اضطراب في التطور. الإعاقة التطورية في الكتابة في كثير من الحالات ليست منعزلة بل تصاحبها مشاكل تطورية أخرى. تشير الإعاقات المصاحبة، وظهور المشكلة منذ الصغر وعدم تدهورها، إلى أن الاضطراب أولي وتطوري. الاستيضاح في حالات اضطراب الكتابة الأولية محدود وعادة ما يتكون من فحص عصبي، تقييم بواسطة العلاج المهني والتشخيص النفسي. يمكن أيضًا اكتساب اضطرابات الكتابة، فهي نادرة عند الأطفال وتظهر في معظم الحالات في مرحلة البلوغ. يمكن أن تظهر اضطرابات الكتابة المكتسبة أيضًا أثناء الطفولة. نتحدث عن حالة التي كان يكتب الطفل بشكل صحيح، ثم قام بتطوير اضطراب كتابة جديد. يجب التحقيق في كل حالة لطفل تدهور خط يده بشكل كبير لأنه يمثل فقدانًا لمعلم طريق في سن المدرسة. عادة ما تكون هذه الحالة النادرة، من اضطراب الكتابة المكتسبة في الطفولة، علامة على مشكلة عصبية حادة أو شبه حادة، وتتطلب فحصًا عصبيًا أكثر شمولاً بالإضافة إلى تحقيق شامل للسبب. تقدم هذه المقالة لمحة موجزة عن إضطرابات التطور في خط اليد.


اضطرابات الكتابة الأولية التطورية

اضطراب التطور في الكتابة اليدوية شائع نسبيًا، بمعدل أكثر من 58٪ من السكان، على الرغم من أن عدد الأطفال في إسرائيل الذين يجدون صعوبة في الكتابة غير معروف، إذا كان الأطفال يعانون من صعوبة في التعبير، فإن إنجازاتهم الأكاديمية تكون أقل من قدراتهم ونتيجة لذلك هناك ضرر للصورة الذاتية وانخفاض في الدافعية. الأطفال الذين يعانون من إعاقات تطور أخرى معرضون لخطر الإصابة باضطرابات الكتابة. بشكل عام، يعاني الأولاد من اضطرابات في التطور أكثر من البنات. في الدراسات التي قارنت الجنسين من حيث سرعة الكتابة، وجد أن الأولاد يكتبون بشكل أبطأ من البنات. يبدو أن الاختلافات في الكتابة تنعكس أيضًا في مرحلة البلوغ، لأن خط يد الرجال أقل تنظيماً من خط النساء.


ADHD اضطراب الاصغاء والتركيز

يعاني أكثر من 85٪ من الأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه من صعوبة في الكتابة. يكتب الأطفال المصابون باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه بشكل أسرع، ولكن بشكل غير دقيق مع زيادة الضغط على القلم مقارنة بالأشخاص غير المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه. بعد العلاج بالريتالين (ميثيلفينيديت)، هناك انخفاض في طلاقة الكتابة ولكن تحسن في دقة الكتابة. من المثير للاهتمام ملاحظة أن الكتابة تحسنت أيضًا عندما يكتب الأطفال المصابون باضطراب نقص الانتباه على ورق ملون أو عندما يجلسون على كرة كبيرة بدلاً من كرسي. يُعزى التحسن إلى زيادة الاهتمام بالعناصر الخارجية أو الطبية. تجدر الإشارة إلى أن بعض الأطفال الذين يعانون من اضطراب نقص الانتباه يعانون أيضًا من صعوبة في الوظائف التنفيذية، والتي ترتبط أيضًا بمستويات عالية من اضطرابات الكتابة، ويمكن أن تتداخل عند تلخيص مادة في الفصل، أو صياغة الإجابة.


عسر القراءة (Dyslexia)

من المعروف أن هناك بعض التداخل بين مناطق الدماغ المسؤولة عن الكتابة وبين المناطق المسؤولة عن القراءة مثل التلفيف الزاوي الأيسر (التلفيف الزاوي- gyrus angular .)، ومن الممكن أن يمثل هذان النوعان من صعوبات التعلم، عسر القراءة وعسر الكتابة مشكلة عصبية أوسع في عمل النصف الدماغي الأيسر. يعاني أطفالهم من عجز في التعبير اللغوي، والأطفال الذين يعانون من صعوبات في القراءة معرضون بشكل كبير لخطر عسر الكتابة. في هذه المجموعة من الأطفال، يتم التعبير عن الصعوبة في الكتابة في الجوانب الصوتية مثل الأخطاء الإملائية، ولا تتعلق بالصعوبات الحركية. تعمل التعليمات التصحيحية والممارسة المستهدفة على تحسين الأخطاء الإملائية.


عسر الحساب(Dyscalculia)

تعد الصعوبات في الكتابة أكثر شيوعًا لدى الأطفال المصابين بعسر الحساب مقارنة بالسكان العاديين. متلازمة غريستمان، والتي تتضمن صعوبة في تشخيص يمين-يسار، عسر الكتابة، عسر الحساب، وصعوبة تجميع الأصابع معًا، في الواقع تربط عسر الحساب بعسر الكتابة وترتبط بخلل وظيفي في مناطق في نصف الدماغ الأيمن. في الأطفال الذين يعانون من المتلازمة على اسم غريستمان، وجد أن تسلسل وطلاقة الكتابة ضعيفان. قد يساعد العلاج المهني في تحسين وتيرة وطلاقة الكتابة.


Developmental Coordination Disorder - DCD

يعتبر النقص في العنصر البصري-الحركي نموذجيًا للأطفال الذين يعانون من صعوبات في التنسيق (Developmental DCD – Disorder Coordination)، وقد وجد أنه في سن مبكرة، ستظهر أوجه القصور الحركية-البصرية كصعوبات في الكتابة. في الواقع، سيواجه كل طفل يعاني من صعوبة في التنسيق صعوبات عند الكتابة ويرتبط ضعف الكتابة بضعف القدرة 3 في مجال المهارات الحركية الدقيقة. معالجة العنصر البصري-الحركي يحسّن تنسيق اليد- والعين في معظم الحالات مما يؤدي إلى تحسين خط اليد.


الطيف التوحدي

بالنسبة للأطفال الذين يعانون من صعوبات في التواصل الموجودين على طيف التوحد، وجد أن خط يدهم أكبر من الأطفال في سنهم دون مشاكل في التواصل. لم يتم العثور على دراسات في الأدبيات التي تتناول على وجه التحديد صعوبات في خط اليد، على الرغم من أنه من المعروف أن الأطفال في طيف التوحد لديهم خلل في المهارات الحركية الدقيقة.


الشلل الدماغي والخداج

يعاني الأطفال المصابون بالشلل الدماغي من صعوبات في الكتابة حتى في الحالات التي تكون فيها اليدين أقل تأثراً من الرجلين، ويرجع ذلك أساسًا إلى المكون الحركي الهرمي و/أو خارج الهرم في الأطراف العلوية والذي يتم التعبير عنه أيضًا في قبضة غير ناضجة (جاهزة) لأداة الكتابة. من المحتمل أنه بالإضافة إلى الصعوبات في الكتابة، هناك أيضًا تنسيق ضعيف، لكن لم يتم دراسة هذه المسألة بعد. يكتب الأطفال الذين يعانون من الخداج دون عيوب عصبية كبيرة أخرى ببطء أكبر، كما أن خط يدهم أقل وضوحًا مقارنة بأقرانهم. العناصر التي كانت تتعلق بخط اليد غير المقروء هي الإدراك المكاني (الإدراك البصري) والتنسيق بين اليد والعين. كانت الكتابة البطيئة مرتبطة بالتعرف على الأصابع وحركة راحة اليد (التلاعب باليد- manipulation hand-In، كما وُجد أن العناصر السلوكية واضطراب نقص الانتباه مرتبطة بإمكانية قراءة خط اليد وسرعة الكتابة.


للخلاصة

اضطراب الكتابة هو اضطراب شائع في الطفولة. عادة ما يكون الاضطراب أوليًا ويرتبط بعيوب تطور مختلفة. يتضمن الاستيضاح في هذه الحالات تشخيصًا عصبيًا نفسيًا من أجل تحديد أسباب اضطراب الكتابة والاضطرابات التطوية ذات الصلة. يجب أن يملي العلاج حسب سبب اضطراب الكتابة ويجب أن تتكيف الحلول مع الاحتياجات التعليمية للطفل. يعد اضطراب الكتابة المكتسب نادر الحدوث في الطفولة ولكنه يشير إلى مشكلة عصبية كبيرة، لذلك من المهم للغاية اكتشاف أي حالة تدهور في الكتابة. يمكن أن يستمر اضطراب الكتابة حتى بعد علاج السبب وفي مثل هذه الحالات يوصى بالرجوع إلى لمزيد من العلاج في إطار العلاج المهني.


محتوى مشابه وجذاب