صعوبات التعلم “لمحة عامة”

صعوبات التعلم: التعريفات والخصائص والتشخيص – كل ما تحتاج لمعرفته لدعم الأطفال الذين يعانون من صعوبات أكاديمية وعاطفية.  

ما هي صعوبات التعلم؟

يُعزى التعلم إلى أعلى أداء معرفي للدماغ وأكثره تعقيدًا، لذلك يواجه العديد من الأطفال صعوبات في اكتساب أساسيات القراءة والكتابة والرياضيات. يحتاج العديد من الطلاب، في السنة الأولى والثانية من التعليم، إلى مزيد من الوقت لاكتساب هذه المهارات. تمثل هذه المشكلات العابرة في التعلم تباينًا طبيعيًا في النضج، صعوبات التعلم هي مجموعة متنوعة من الاضطرابات، تتميز بفشل غير متوقع للطفل في اكتساب مهارات التعلم. وهي ناتجة عن خلل خلقي أو مكتسب في بنية ووظيفة الدماغ ناتج عن العديد من المتغيرات.


مع ذلك، هناك أطفال يعانون من صعوبات تعلم أساسية ومستمرة، وهي صعوبات التعلم.
يعتبر عدم التطابق عنصر مهم في تشخيص عسر التعلم. يمثل عسر التعلم نقصًا في الارتباط مع حاصل ذكاء الطفل كما تم قياسه بواسطة اختبارات IQ (intelligence quotient. معظم الأطفال الذين يعانون من صعوبات التعلم لديهم معدل ذكاء طبيعي أو حتى أعلى من المتوسط. يجب أن نتذكر أنه في الأطفال الذين يعانون من صعوبات التعلم، لا تنبع صعوبات التعلم من التخلف العقلي أو الحرمان البيئي أو المشاكل العاطفية. تظل المشكلة الأساسية طوال الحياة، ولكن على مر السنين قد يتغير العرض.


يجب التمييز بين صعوبة التعلم وعسر التعلم

لا ترجع كل فجوة في الدراسات إلى عسر التعلم. فجوة التعلم ممكنة نتيجة لفشل تعليمي، أو تعليم غير مناسب، أو تعرض وتدريب غير كافيان، أو دافع منخفض، أو نقص في الفرص، أو جوانب عاطفية صعبة (مثل الظروف الأسرية للأيتام، الطلاق، صعوبات اجتماعية واقتصادية، والعنف). قد يكون من الممكن تقليص الفجوة التعليمية بين الطالب وبيئته، من خلال الإشارة إلى السبب الخارجي الذي ساهم في الصعوبة، أو من خلال تقديم التوجيه والمساعدة في التعلم.


تعريفات

هناك صعوبة في تحقيق الإجماع المهني والقانوني وكذلك الوالدين في تحديد عسر التعلم. لا يوجد تعريف مقبول أو معايير واضحة. هناك تعريفات مختلفة لعسر التعلم، ولكن أحد الشروط الأساسية هو أنها صعوبة معرفية داخلية (جوهرية)، مما يؤدي إلى أن تكون الإنجازات الأكاديمية أقل من الإمكانات الفكرية المتوقعة للفرد. وفقًا للدليل التشخيصي والإحصائي – Diagnostic and Statistical Manual– DSM-IV (1994) يتم تشخيص اضطرابات التعلم عندما تكون إنجازات الفرد في الامتحانات الموحدة في القراءة، الرياضيات، أو التعبير الكتابي أقل بكثير مما هو متوقع بالنسبة لمستوى العمر أو مستوى المدرسة أو الذكاء. تتداخل صعوبات التعلم بشكل كبير مع الإنجازات الأكاديمية، أو في الحياة اليومية التي تتطلب مهارات القراءة أو الرياضيات أو الكتابة. قد يكون عسر التعلم مصحوب بالحرمان الاجتماعي، تدني الصورة الذاتية، الاضطرابات السلوكية، وصعوبات الانتباه والتركيز، مشاعر الاكتئاب، التسرب من المدرسة، وصعوبة التكيف مع العمل.


التشخيص المرضي

الانتشار – في حالة عدم وجود تعريف واضح، هناك صعوبة في تحديد مدى انتشار عسر التعلم. تقدر بنحو 10٪ طوال الحياة، معظم من يعانون من عسر التعلم يدرسون في أنظمة التعليم العادية.


يزداد الانتشار عند الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة (28٪). عوامل الخطر لعسر التعلم – الأطفال الذين لديهم تاريخ عائلي من عسر التعلم، بعض الحالات العصبية ذات الانتشار العالي (متلازمة توريت، الورم العصبي الليفي من النوع 1، الصرع)، المتلازمات الوراثية التي تشمل الكروموسوم X (متلازمة ترنر، متلازمة X الهش، متلازمة كلاينفلتر)، وحالات أخرى (مثل: الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية (HIV)، الأطفال الذين تعافوا من التهاب السحايا الجرثومي، الأطفال الخدج الذين يعانون من انخفاض شديد في الوزن عند الولادة، مرض السكري المعتمد على الأنسولين، فقر الدم المنجلي).


الخصائص السريرية لعسر التعلم

كما ذكرنا سابقًا، عادةً ما يتمتع الأطفال الذين يعانون من عسر التعلم بإمكانيات فكرية متوسطة أو أعلى، والذين يجدون صعوبة في واحدة أو أكثر من المهارات الأكاديمية: القراءة أو الكتابة أو الرياضيات. الصعوبات التي قد تؤدي إلى انخفاض الأداء في جميع المواد الأكاديمية. تختلف التعابير السريرية لعسر التعلم باختلاف معدل ذكاء الطفل وقدرة الطفل على استخدام مهاراته الأخرى وتعويض الخلل الوظيفي.
عادة لا يقتصر عسر التعلم على مجال واحد، ويمكن أن تؤدي الصعوبة في مجال ما إلى صعوبة في مجال آخر. كما تؤثر بيئة الطفل، دعم الأسرة، مزاج الطفل، على أدائه وأنماط سلوكه. يعتمد العمر الذي يتم فيه تشخيص عسر التعلم على نوع العسر وشدة الاضطراب وما إذا كانت هناك نواقص مصاحبة. الفشل التعليمي هو شكوى تمثيلية شائعة.
عسر التعلم الأكثر شيوعًا هو عسر القراءة – يظهر في 80٪ من حالات عسر التعلم.


اضطراب عسر القراءة

يتجلى في صعوبة اكتساب القراءة المناسبة للعمر، البطء في القراءة، التشويشات، صعوبة استخلاص المعنى مما يُقرأ، وفي الأعمار اللاحقة – في التعامل مع النصوص الطويلة وفهمها. يمكن أن تسبب اضطرابات الانتباه والذاكرة واللغة والإدراك المكاني والوظائف التنفيذية صعوبات في تعلم القراءة وفهم المعلومات المكتوبة والتعبير عن الأفكار كتابة. تحدث بعض اضطرابات عسر القراءة بسبب الصعوبات اللغوية. يتنبأ التأخر الملحوظ في اللغة، أو الخلل في تطوير اللغة أحيانًا إلى تطور عسر القراءة.


اضطراب عسر الكتابة

يتراوح انتشاره بين 8-15٪ من أطفال المدارس. قد يتجلى ذلك في ضغط شديد أو قليل جدًا على أداة الكتابة، بطء الكتابة، أو صعوبات في النسخ من اللوحة، أو العديد من الأخطاء الإملائية، صياغة الجمل بطريقة غير صحيحة، تجنب الكتابة، أو استخدام الإجابات القصيرة، لتجنب الكتابة كثيرًا. يمكن أن تحدث هذه الصعوبات أحيانًا بسبب صعوبات في اللغة (مثل صعوبة التمييز بين أصوات اللغة وصعوبة ربط الصوت بالحرف)، صعوبة في الإدراك البصري/المكاني، صعوبة في الانتباه، صعوبة في المهارات الحركية (على سبيل المثال، صعوبة في إمساك قلم الرصاص)، صعوبة في التنسيق بين اليد والعين. يجب أن يؤخذ تشخيص عجز التنسيق التطوري (DCD- Developmental Coordination Disorder)  في الاعتبار في التشخيص التفريقي، خاصة في صعوبة خط اليد.


عسر الحساب - إعاقة في مفهوم الحساب

يتجلى في صعوبة اكتساب المهارات الحسابية المناسبة للعمر وعادة ما يتم اكتشافها في سن مبكرة. تظهر الصعوبات في فهم المفاهيم الأساسية في الحساب والصعوبات في أداء عمليات الحساب. يمكن أن تنشأ هذه الإعاقة نتيجة صعوبة التمييز الكمي، في فهم التسلسل، وقد يكون هناك أيضًا إعاقة لغوية (مثل عدم القدرة على تعلم المصطلحات الرياضية أو ترجمة مسألة كلامية إلى تمرين).


قد يكون هناك أيضًا خلل في عمليات المعالجة الأخرى التي قد تضعف التعلم للموضوع، مثل اضطرابات الانتباه والتركيز والوظائف التنفيذية والذاكرة. قد تكون هناك أيضًا صعوبات حركية، صعوبات في المهارات الحركية الدقيقة والشاملة، وصعوبات في المهارات الاجتماعية.


المشاكل المرتبطة بعسر التعلم

تتداخل اضطرابات التعلم مع جميع جوانب الحياة، ليس فقط في المجال الأكاديمي. قد يعاني الأطفال الذين يعانون من عسر التعلم من نقص الانتباه، نقص في أداء الوظائف التنفيذية، ونقص في المهارات الاجتماعية والصعوبات العاطفية. يتراوح المعدل المقدر لاضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط (ADHD) في مجتمع عسر التعلم من 40-80٪.


يمكن أن تكون المشكلات العاطفية لدى الأطفال الذين يعانون من عسر التعلم: أولية (يعاني الأطفال المصابون بعسر التعلم أحيانًا من مرض مصاحب بالقلق، الانسحاب، الاكتئاب والصعوبات السلوكية) أو ثانوية (ناجمة عن إحباط الطفل بسبب الفشل المتكرر، تقدير ذاتي متدني وعدم القدرة على تحقيق الإنجازات الأكاديمية). يمكن أن يواجه هؤلاء الأطفال صعوبات اجتماعية (على سبيل المثال، بسبب صعوبة فهم المواقف الاجتماعية، صعوبة الانضمام إلى الأنشطة الجماعية، بدء محادثة) ونتيجة لذلك، يمكن أن يتأثر اندماج الطفل في عائلته ومساحته الاجتماعية.


التشخيص

التشخيص المبكر لعسر التعلم مهم للتدخل التربوي المناسب والعلاج السلوكي. يمكن أن يعزز هذا التدخل التعلم ويقلل من الصعوبات العاطفية الثانوية. يجب أن يخضع الأطفال المشتبهبأن لديهم عسر في التعلم لتقييم شامل: طبي وتطوري وتعليمي ونفسي-اجتماعي. عادةً ما تكون الاختبارات النفسية التربوية (التي تحدد المناطق المعرفية القوية والضعيفة، وتساعد في وضع خطة دراسة شخصية) كافية لهذا الغرض. مع ذلك، قد يكون من الضروري في بعض الأحيان تقييم معالجة نطق و/أو معالج وظيفي.


هناك جمعيات تعمل على النهوض بالأطفال والبالغين ذوي صعوبات التعلم مثل جمعية نيتسان.


محتوى مشابه وجذاب